التهاب الجفون: الأسباب، الأعراض، التشخيص، والعلاج

مقدمة

يُعد التهاب الجفون (Blepharitis) من الحالات الطبية الشائعة التي تصيب جفون العين، وهو عبارة عن التهاب مزمن يصيب حواف الجفون، وقد يكون مؤلمًا ومزعجًا للمصابين به. يتصف التهاب الجفون بحدوث تهيج واحمرار في الجفون، مع وجود قشور أو قشور دهنية عند قاعدة الرموش، مما يؤثر على راحة العين ووظيفتها. على الرغم من أن التهاب الجفون لا يُهدد النظر بشكل مباشر، إلا أنه يمكن أن يتسبب في مضاعفات تؤثر على صحة العين وجودة الحياة.

يتميز التهاب الجفون بكونه حالة مزمنة، مما يعني أنه غالبًا ما يعاود الظهور بين الفينة والأخرى، لذلك يحتاج المريض إلى متابعة مستمرة واتباع تدابير وقائية وعلاجية للحفاظ على راحة العين ومنع تفاقم الحالة.

أسباب التهاب الجفون

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتهاب الجفون، ويرجع ذلك إلى طبيعة الجفن الحساسة وتركيبه الذي يحتوي على غدد دهنية خاصة، تعمل على ترطيب سطح العين والحفاظ على توازن الدموع. من أهم الأسباب:

1. العدوى البكتيرية: تُعتبر البكتيريا من نوع المكورات العنقودية (Staphylococcus) من أكثر الأسباب شيوعًا لالتهاب الجفون، حيث تسبب تكوين قشور والتهابات مزمنة نتيجة تراكم البكتيريا على حواف الجفون.

2. اضطرابات الغدد الدهنية (غدد ميبوميان): تقوم هذه الغدد بإفراز مواد دهنية تشكل جزءًا من طبقة الدموع. أي خلل في وظيفة هذه الغدد يؤدي إلى انسدادها أو تغير نوعية إفرازاتها، مما يسبب التهابًا في الجفن يعرف بـ”التهاب الجفون الوجهي” أو التهاب غدد ميبوميان.

3. الأمراض الجلدية: مثل التهاب الجلد الدهني (Seborrheic Dermatitis) والأكزيما، حيث تؤدي هذه الحالات إلى تقشر الجلد وتهيجه، ما ينعكس على صحة الجفون.

4. الحساسية: ردود فعل تحسسية تجاه مستحضرات التجميل، أو قطرات العين، أو غبار البيئة، يمكن أن تؤدي إلى التهاب في الجفون.

5. الطفيليات: مثل وجود عث الجفن (Demodex)، وهي طفيليات صغيرة تعيش على الجلد وتسبب التهابات مزمنة بالجفون.

6. جفاف العين المزمن: يرتبط التهاب الجفون في كثير من الحالات بجفاف العين، حيث يؤدي عدم كفاية الترطيب إلى تهيج الجفون.

الأعراض السريرية

تتنوع أعراض التهاب الجفون وتختلف شدتها من شخص إلى آخر حسب نوع الالتهاب وسببه، إلا أن الأعراض الأساسية تشمل:

• احمرار وتورم في حواف الجفون.

• حكة وحرقة في العينين.

• شعور بحرقان أو وخز في العين.

• ظهور قشور أو قشور دهنية بيضاء أو صفراء على حواف الرموش.

• رمد مزمن مع إحساس بجسم غريب في العين.

• تقشر الجلد حول العينين.

• جفاف العينين أو إفرازات دهنية أو مائية.

• في بعض الحالات، قد يحدث تساقط في الرموش.

• الإحساس بثقل في الجفون خاصة عند الاستيقاظ من النوم.

• قد تؤدي الحالة المزمنة إلى التهاب القرنية أو تغيرات في سطح العين.

أنواع التهاب الجفون

ينقسم التهاب الجفون إلى عدة أنواع رئيسية، تختلف في السبب والمظاهر السريرية:

1. التهاب الجفون الأمامي: يصيب حواف الجفون عند جذور الرموش، وغالبًا ما يكون مرتبطًا بعدوى بكتيرية أو اضطرابات في الجلد مثل التهاب الجلد الدهني.

2. التهاب الجفون الخلفي: يحدث بسبب اضطراب في غدد ميبوميان التي تقع داخل الجفن، وينتج عنه انسداد هذه الغدد مع التهاب مزمن وحكة شديدة.

3. التهاب الجفون المختلط: يجمع بين النوعين الأمامي والخلفي، وهو الأكثر شيوعًا.

4. التهاب الجفون الناتج عن عث الديمودكس: حيث تسبب هذه الطفيليات تهيجًا مزمنًا وحكة في الجفون مع تقشر غير طبيعي.

التشخيص

يعتمد تشخيص التهاب الجفون على الفحص السريري المفصل لحواف الجفون والعيون، حيث يقوم الطبيب بفحص علامات الالتهاب والتهيّج، بالإضافة إلى استجواب المريض حول الأعراض التي يعاني منها. في بعض الحالات، قد يحتاج الطبيب إلى إجراء فحوصات معملية لأخذ عينة من القشور أو الإفرازات لتحليلها وتحديد نوع البكتيريا أو الطفيليات المسببة.

تشخيص التهاب الجفون يتم غالبًا بواسطة طبيب العيون أو طبيب الأمراض الجلدية، حيث يدرس الحالة السريرية ويقرر خطة العلاج الأنسب وفقًا للسبب الكامن.

العلاج

يتطلب علاج التهاب الجفون اتباع خطوات متدرجة، ويميل إلى أن يكون علاجًا طويل الأمد للحفاظ على تحسن الحالة ومنع تكرارها. يعتمد العلاج على نوع الالتهاب وسببه، ويشمل عدة محاور أساسية:

1. النظافة الشخصية للجفون

تُعد النظافة الدقيقة والمنتظمة للجفون من أهم العوامل في السيطرة على التهاب الجفون، حيث يتم إزالة القشور والزيوت المتراكمة على حواف الجفون. يمكن القيام بذلك من خلال:

• غسل الجفون يوميًا بمحلول دافئ مكون من ماء نظيف مع شامبو الأطفال المخفف، باستخدام قطعة قطن أو قطعة قماش ناعمة.

• تدليك خفيف لحواف الجفون لتحفيز غدد ميبوميان على إفراز الدهون بشكل طبيعي.

• تجنب فرك العينين أو استخدام مستحضرات قد تزيد الالتهاب.

2. الأدوية الموضعية

يصف الطبيب أدوية تساعد في علاج العدوى والالتهاب، مثل:

• مضادات حيوية موضعية على شكل قطرات أو مراهم (مثل الميبوكسيدين أو الكليندامايسين).

• مضادات الالتهاب غير الستيرويدية.

• أدوية مضادة للفطريات إذا كان الالتهاب ناتجًا عن عدوى فطرية.

3. المضادات الحيوية الجهازية

في حالات التهاب الجفون المزمن والشديد، قد يحتاج المريض إلى تناول مضادات حيوية عن طريق الفم مثل التتراسيكلين أو الدوكسيسيكلين، التي تساعد في تقليل الالتهاب وتحسين وظيفة الغدد الدهنية.

4. العلاج الداعم

• استخدام كمادات دافئة على الجفون عدة مرات يوميًا لتحسين تدفق الدهون.

• قطرات ترطيب العين للحد من جفاف العين المصاحب.

• تجنب مستحضرات التجميل لفترات أثناء العلاج.

5. علاج التهاب الجفون الناتج عن عث الديمودكس

يحتاج إلى علاج خاص باستخدام مستحضرات تحتوي على مواد مضادة للطفيليات، بالإضافة إلى تنظيف دقيق للجفون.

المضاعفات المحتملة

إذا تُرك التهاب الجفون بدون علاج مناسب أو تكررت نوباته بشكل متكرر، يمكن أن يؤدي ذلك إلى مضاعفات تؤثر على العين ومنها:

• التهاب القرنية: بسبب انتشار الالتهاب إلى سطح العين، مما قد يسبب ألمًا شديدًا ومشاكل في الرؤية.

• تغيرات في نمو الرموش: مثل نمو الرموش باتجاه غير طبيعي يسبب تهيج العين.

• التهاب الغدد الدهنية المزمن: يؤدي إلى تلف دائم في الغدد، مع جفاف مزمن في العين.

• تكون القشور والتقرحات التي قد تسبب تهيجًا إضافيًا للعين.

الوقاية

لمنع حدوث التهاب الجفون أو تقليل شدته، يمكن اتباع مجموعة من الإجراءات الوقائية مثل:

• الحفاظ على نظافة الجفون بشكل يومي.

• تجنب استخدام مستحضرات التجميل منتهية الصلاحية أو التي تسبب حساسية.

• معالجة أي أمراض جلدية مرتبطة بشكل فعال.

• حماية العينين من الغبار والمواد المهيجة.

• مراجعة الطبيب عند ظهور أعراض مبكرة وعدم إهمال الحالة.

جدول يوضح الفرق بين أنواع التهاب الجفون وأسبابها وأعراضها

الخلاصة

التهاب الجفون حالة مزمنة تتطلب اهتمامًا مستمرًا لضمان راحة العين والحفاظ على صحتها. معرفتها وأسبابها وأعراضها وطريقة علاجها تساهم في تحسين جودة الحياة للمرضى، خاصة مع اتباع نظام نظافة دقيق وعلاجات دوائية مناسبة. التواصل مع طبيب العيون المختص ضروري لتشخيص الحالة بدقة ووضع خطة علاجية مخصصة لكل حالة على حدة. من المهم أيضًا الوقاية من العوامل المهيجة للحفاظ على سلامة الجفون وصحة العين بشكل عام.

المصادر والمراجع

• American Academy of Ophthalmology (AAO). Blepharitis.

• Mayo Clinic. Blepharitis: Symptoms, Causes, and Treatments.